أجرى الله ـ تبارك وتعالىـ على يد أنبيائه ورسله من المعجزات الباهرات والدلائل القاطعات ما يدل على صدق دعواهم أنهم رسل الله، قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} (الحديد: من الآية25) . .
ولما أرسل الله نبيه عيسىـ عليه السلامـ آتاه من الآيات والمعجزات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه كما قال تعالى: {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي} (المائدة: من الآية110) . .
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وأفضل رسلهـ صلى الله عليه وسلمـ بمثل هذا الدليل وهذه المعجزة، حين شفى على يديه وبِرِيقهِ ونفثه (نفخ بلا ريق) بعضا من أصحابه. . فاللهـ عز وجلـ الشافي، وهو الذي جعل ريقه ونفثهـ صلى الله عليه وسلمـ سببا في الشفاء، ليكون برهانا على ما أكرم الله به رسولهـ صلى الله عليه وسلمـ من الكرامات والدلائل العظيمة، بيانا لعلو منزلته، وتأييداً لدعوته، وتصديقا لنبوته. .
والأمثلة في ذلك كثيرة، منها:
عن سهل بن سعدـ رضي الله عنهـ قال: قال رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ يوم خيبر: (لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون (يتحدثون) ليلتهم أيهم يُعْطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ كلهم يرجوا أن يعطاها.
فقالـ صلى الله عليه وسلمـ: أين علي بن أبي طالب؟ ، فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأُتِيَ به فبصق رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية) (البخاري). .
وفي رواية لابن ماجه أن علياـ رضي الله عنهـ قال: (إن رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ بعث إليَّ وأنا أرمد العين يوم خيبر، قلت: يا رسول الله إني أرمد العين، فتفل في عيني ثم قالـ صلى الله عليه وسلمـ: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، قال: فما وجدت حرا ولا بردا بعد يومئذ)
وعند بريدة في الدلائل للبيهقي: " فما وجعها علي حتى مضى لسبيله أي مات ". .
وعند الطبراني من حديث علي: " فما رمدت ولا صدعت مذ دفع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إليَّ الراية يوم خيبر. . ". .
قال الشوكاني: " فيه معجزة ظاهرة للنبي ". .
وعن يزيد بن أبي عبيدـ رضي الله عنهـ قال: (رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ ، فقال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة) (البخاري).
ويرسل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لاغتيال سلام بن أبي الحُقَيق الذي آذى الله ورسوله، وبينما عبد الله بن عتيك في طريق العودة وقع فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة، ثم يقول ابن عتيك: فانتهيت إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ، فقال: (ابسط رجلك، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكِها قط) (البخاري) .
وذكرالبيهقي في دلائل النبوة:
عن حبيب بن يسافـ رضي الله عنهـ قال: " شهدت مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ مشهدا فأصابتني ضربة على عاتقي فتعلقت يدي، فأتيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فتفل فيها وألزقها فالتأمت وبرأت، وقتلت الذي ضربني ". .
وروى ابن حبان:
عن عبد الله بن بريدةـ رضي الله عنهـ قال: سمعت أبي يقول: إن رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرأ. .
إن جموع الصحابة التي شاهدت سلمةـ رضي الله عنهـ يشتكي ساقه ثم رأوه لا يشتكي منها ألما ولا وجعا، ورأت علياـ رضي الله عنهـ يشتكي عينيه ثم يبرأ منها، وشاهدت عبد الله بن عتيكـ رضي الله عنهـ تنكسر ساقه ثم يبرأ ولا يشعر بألمـ وكل ذلك بريقه ونفثهـ صلى الله عليه وسلمـ ، لا يسعهمـ ومن يأتي بعدهمـ إلا أن يشهدوا للنبيـ صلى الله عليه وسلمـ بعلو المنزلة والمكانة، وبالنبوة والرسالة. .
المصدر: موقع إسلام ويب